في 6 فبراير، وقع زلزال بقوة 7.7 و 7.6 درجة في وسط مدينة مرعش في غضون تسع ساعات. كان الزلزال الذي ضرب 11 مدينة متوقعاً لفترة طويلة. حيث حذر العلماء الحكومة والسلطات المحلية، منذ سنوات، من أجل اتخاذ التدابير اللازمة. ورغم هذه التحذيرات لم يتم إتخاذ أي إجراء وحدثت هذه الكارثة. لم يكن ينبغي أن تسبب كارثة طبيعية الكثير من الدمار في المناطق السكنية. إذ أنّ المدن التي بنتها الحداثة الرأسمالية، ودعمتها حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية في التخطيط المدني الخاطئ، كانت في حالة صعود وهبوط في آن واحد. و نتيجةً لذلك، فقد عشرات الآلاف من الناس حياتهم. مع علمنا بأن الحداثة الرأسمالية والقوى الحاكمة هي التي تحول الكوارث إلى أزمات وحروب ومجازر.
وبحسب الجهات الرسمية، فقد تعرض 75717 مبنى للتدمير أو لتشقّقات جسيمة. و تجاوز عدد القتلى 43 ألفًا وعدد الجرحى 100 ألف في المنطقة التي لم تتم إزالة أنقاض المباني فيها. لكن وفقًا لبعض المؤسسات، فإن هذا الرقم يزيد بمقدار 4-5 مرات. لأن الحكومة بدأت في إزالة الأنقاض بالآلات قبل أن تتأكّد إن كان هناك أناس على قيد الحياة تحت الأنقاض أم لا.
في أول 48 ساعة بعد الزلزال، لم تحشد حكومة حزب العدالة والتنمية / حزب الحركة القومية أي قوات حكومية أو فرق بحث وإنقاذ أو حتّى ملابس أو طعام أو معدات إيواء. و لذا فقد الناس حياتهم، كما لم تصل المساعدة التي احتاجها الأحياء منهم إلى أماكن كثيرة. لقد حولت السلطة المباشرة لحزب العدالة والتنمية، التي تتمتع بكامل الصلاحيات، هذا الوضع إلى أزمة وأعلنت حالة الطوارئ لحماية مصالحها. وهدفت إلى ترك المناطق المتضررة غير مأهولة وبدلاً من إيجاد الحلول والبدائل المحلية، شجعت الناس على الهجرة.
وبحسب الملاحظات ، فإن النساء والأطفال وكبار السن هم الأكثر تضررًا من الزلزال. إذ أنّه من تحت الأنقاض وأمام المباني المتضررة، أنجبت النساء أطفالًا، و مات العديد من الأمهات والأطفال بسبب تأخر فرق الإنقاذ. إضافةً إلى ذلك، لم يتم تضمين الاحتياجات العاجلة للنساء الأحياء في أي من قوائم المساعدات الحكومية. وبدلاً من التعبئة من أجل العديد من الأطفال الذين فقدوا ذويهم، أصدرت رئاسة الشؤون الدينية فتوى بأنه “لا مانع من زواج الأيتام بمن يرعونهم”. وعلى الرغم من كل جهل الحكومة الحالية، إلا أن الناس خارج مناطق الزلزال ساعدوا بوسائلهم وإمكاناتهم و حشدوا لإرسال معدات الإغاثة إلى المناطق المتضرّرة.
منذ اليوم الأول، أنشأنا بصفتنا TJA، تنسيقًا مع المنظمات النسائية في البلاد والمؤسسات الاجتماعية والناشطين والعاملين في HDP. لقد تعاونّنا لتلبية احتياجات الأشخاص المعرضين للخطر بشكل خاص وكبار السن والنساء في القرى والأحياء والمدن التي تضررت من الزلزال. لكن و لسوء الحظ، خلقت حكومتي حزب العدالة والتنمية / حزب الحركة القومية العديد من العقبات أمام هذه المنح. إذ تم الاستيلاء على المساعدات التي تم إرسالها من المجتمعات في المناطق التي يعيش فيها الأكراد العلويون وفي حسن باش بزرجخ، و تمّت السيطرة على المساعدات التي تم جمعها من خلال تعيين قيوم (القائم من قبل الدولة)؛ أوقفت إطارات المساعدات التي أرسلتها البلديات وأزيلت أسماء البلديات المكتوبة على الإطارات وكتبت أسماء القيوميين بدلاً منها.
تحدث الإبادة الجماعية والكوارث في البلاد من قبل السلطة والرأسمالية. و لذا سننظم و نزيد الدعم اللازم؛ ليتلقى العلاج أولئك المتضررين من الزلزال. علماً بأنّه منذ السادس من الشهر وحتى الآن، نعمل بلا توقف من الحي إلى القرية في المدن التي حدث فيها الزلزال. هناك أنواع عديدة من هذه الأعمال. فبعد أن تواصل نشطاءنا مع ضحايا الزلزال، أصبح من الواضح أنهم بحاجة إلى أكثر من مجرد الطعام والمأوى. لذلك، يعمل التنسيق المشترك لـ TJA و Kongra Star من وجهة نظر نفسية واجتماعية وبحثية. تقدم نشاطاتنا الدعم النفسي بالإضافة إلى الأنشطة الحياتية ويتم تنظيم العديد من ورش العمل الفنية للأطفال. كان هذا العمل والتنظيم الذي قمنا به مثالاً لكل من تركيا وسوريا والعالم بأجمعه. و تمّ الكشف عن أن تنظيم المرأة والشباب والمجتمع يمكن أن يستمر.
لقد استطاع الأشخاص الذين يقومون بأعمال الإنقاذ في مناطق الزلزال بتنسيقنا، إنقاذ آلاف الأشخاص من تحت الأنقاض؛ لأننا كنا متواجدين في جميع المناطق حيث لم تكن هناك دولة ورأى الناس ذلك في كل من مرعش وعفرين. لكن هذا التنسيق، من متطوعين وأعضاء، الذي تم إنشاؤه لحماية الناس وإنقاذهم، حُوصر، كما أن المساعدات التي عُرضت من قبل الإدارة الذاتية و الشعبية للمناطق التي ترزخ تحت الاحتلال التركي في سوريا، قوبلت بالرفض. إلّا أنّ الحركة النسائية تعمل الآن مع الآلاف من الناس في مكافحة هذه العقلية. فقد بادرت إلى تقديم المساعدات لضحايا الزلزال كما و فتحت النساء مخيماتهنّ في مخيم النازحين في الشهباء لإيواء العوائل المشردة .
لقد قمنا بإلغاء جميع أنشطتنا بسبب الزلزال في كل من شمال وغرب كردستان، و أعلنّا أن حدادنا هو سبب كفاحنا. كما أعددنا شعارات مثل: “حان وقت حرية المرأة” و “حزننا سبب كفاحنا” و “تعاون المرأة ينبض بالحياة”.
ما يحصل في سوريا بذلك الصدد
إن الشعب السوري عانى ما عاناه من الويلات خلال أحد عشر عاماً، ومُورست عليه كافة سياسات القمع والحرب والتهجير القسري والاحتلال. ومازالت هذه السياسات تُرتكب بحق المدنيين. إن شعب عفرين هُجّر من أرضه جرّاء الاحتلال التركي وجماعاته المرتزقة منذ ،٢٠١٨ فسكن في المخيمات في الشهباء وفي أحياء حلب على أمل العودة إلى موطنه. إلا أن الزلزال ضرب سوريا و راح ضحيته ما يزيد عن ٥٨٠٠ شخص والأعداد في تزايد من مصابين و مهجّرين، كلّ ذلك كان نتيجة السياسات الخاطئة التي تعمل بعكس الطبيعة، و مثالنا على ذلك كمية المياه الضخمة المخزنة في سد أتاتورك. إذ يخزّن هذا السدّ 48 مليار متر مكعب من نهر الفرات؛ و يمثل انتهاكاً للطبيعة و لحقوق العراق و سوريا المائية.
لقد أنشأت تركيا 2000 سد وخزان وبحيرة اصطناعية وبعضها قريب من موقع الزلزال وهذا أحد أسباب النشاط الزلزالي! إذ تُعتبر السدود وحبس المياه وتسربها إلى الطبقات التكتونية سبباً لحدوث الزلازل .
كما انهار عدد من المباني في عدة مناطق من سوريا كحلب وجندريس وعفرين والأتارب واللاذقية وحماة. علماً بأنّ جندريس وعفرين تقعان في المنطقة التي ترزخ تحت الاحتلال التركي، وحيث تم الانهيار التام للمباني دون وصول أي من فرق الإنقاذ أو المساعدات. فضلاً عن أنّ الدولة التركية كانت قد منعت وصول المساعدات من مناطق شمال شرق سوريا. وفي خضم كافة الأحداث والكارثة التي حلت بكل من سوريا وتركيا لم تكف دولة الاحتلال التركي عن هجماتها وضربها لمواقع في الشمال السوري كما في تل رفعت وعين عيسى وقامشلو.
كما أن النظام السوري أيضاً له المسؤولية الكبرى في معاناة الشعب السوري. فقد تأثّرت المباني تبعاً للحرب الدائرة و التي بسببها تعرضت المباني للقصف ممّا أدّى لتضعضع بنيتها التحتية. كما منع النظام السوري وصول المساعدات إلى المناطق غير الخاضعة لسلطته و اشترط على الإدارة الذاتية، التي عرضت المساعدات على المناطق المنكوبة، بأن تقدّم الحصة الأكبر من هذه المساعدات لصالحه، على حساب الشعب المنكوب .
لابدّ من فضح هذه الممارسات التي تمارسها كل هذه الأنظمة السلطوية من الإبادة والتفرقة بين المناطق فيما يخصّ وصول المساعدات، إلى تسييس المساعدات الإغاثية. كما لا بدّ من إنقاذ ما تبقى من الأرواح ولاسيما تلك المهدّدة بالخطر. إضافةً لتجنّب التسبب في التهجير و بذلك درء جعل هذا الموضوع هدفاً لتحقيق سياسة التغيير الديمغرافي للمنطقة التي تخلق بؤرة جديدة للصراع بدلاً من إيجاد بدائل تحقق الأمن والسلم .
وشعارنا دوماً “المرأة، الحياة، الحرية!”
المادة بقلم حركة المرأة الحرة TJA شمال كردستان ومؤتمر ستار غربي كردستان